كتوأمين ولدا من رحم الالم ذاته ..فكنا شقيقي العذاب ..
تجرعنا سويا من كأس الظلم عينه ..فكنا اخوان المعاناة ..
واحترقنا في نفس محرقة النضال..فكنا رفقاء الثورة ..
لذلك افهمك وافهم حزنك..فالحزن حزني
وارى بكاءك الجاف دون دموع .. فالدمع دمعي
واسمع شهقات قلب المبحوح ..فألمك ألمي.....
توأمك.........
وجد غريب هذه الكلمات بورقة في كتابه الذي استعارته احدى زميلته منه منذ اسبوع ..
قرأها مبتسما ...امسك الورق عصرها بقبضته القوية وقذف بها لسلة المهملات كما يقذ لاعب كرة السلة كرته ودونما اهتمام ارتمي علي السرير وغط في نوم عميق
لم تشغله ورقة زميلته التي سمت نفسها توأمه ..ولو لحظه فقد ادرك منذ البداية ان كلامتها تحمل معنى واضح (تكفيني كأخ ..ان لم اكن اكفيك كحبيبة )
ربما كان سقف طلبات زميلة العمل اقل من سقف طموحات زميلة الدراسة التي قالت له مرة في رسالة بريدية :
عيونك الغارقة في حزن عميق تغرقني في حب اعمق
قابلها بعدها بالجامعة وتصرف وكأن رسالتها لم تصله ..!!
اخري تلك التي هاتفته مرة قائلة .. جئت علي بالي فجأة رغم انك لم تغب عنه برهة ..شعرت بحيرتك فهاتفتك ..
رد قائلا :جيد اتصالك فانا في حاجتك قد انجبت قطتي الان هررا صغيره ..أاقدم لها حليبا مجففا ام ان السائل افضل ؟؟ وان كان سائلا اغليه اولا ام ان البارد احسن ؟
ضحكت قائلة :مبروك يتربوا في عزك واقفلت الخط ولم تتصل بعدها ابدا
هو ليس بالغبي يعلم ان الهرر لا تحتاج لحليب سائل او مجفف..وان اولي رشفاتها ستكون من امها ..
هو ليس بالغبي ولكنه يتغابى عن عمد في احيانا كثيرة ..حتي بات التغابي اصل تصرفاته
يعلم جيدا انها ما شعرت به ولكنها تتذكى ..وهو يكره تذاكي الاغبياء ..
طبيعي للغاية ان يكون اي شخص في حيرة لاي سبب كان في اي لحظه كانت ..وهل حياة الانسان الا لحظات تحمل مجموعة من الاختيارات المحيرة ؟؟!!
ليس محطما لقلوب العذاري ..وليس فاقد الحس كل مافي الامر انه يملك قلبا عاديا ..كبير لكنه لا يتسع الا لحبيبة واحدة اسرته منذ زمن وانتهي الامر
غريب رجل عادي ..والعادي في زماننا يعتبر نادرا لذا كان محط انظار الجميع,وموضع استفهامهم ,عادي في زمن الناس فيه صنفان اقل من العادي او فوق العادي.. لا وسط بينها الوسطيون نادرون ..والنادر غالي .
.اغرب مافيه انه لا يدرك ندرته ..كل ما يعلمه انه عادي في اغلب الاوقات ..وفي اوقات اخرى اقل من العادي ..فكرة ان يكون سوبر مان الرجل فوق العادي لم تخطر في باله قط ...رغم انه حقق وطبقا لتصنيف البعض مكاسب فوق عادية فهو الرجل الذي كرم كافضل موظف في شركته ..وقلد الميدالية الذهبية في منافسات دولته ..ومع ذلك عندما تدخل غرفته ولا تجد اي اثر لاي كأس او اي شهادة تقدير او اي اشارة لانجاز قد حققه سابقا رجل يعتبر كل مكاسب حياته عادية وكل عثرات حياته عادية ..لا يؤلمه ابدا خسارة مال ..او فقدان متاع كل شيء عنده عادي الا هي تلك التي تربعت علي عرش فؤاده وملكت قلبه فحكمت عقله وسيطرت علي وجدانه..فبات عاشقها المتيم منذ زمن ..
كل من يراه يعلم انه يسكن في بعدين.. بعدنا الانساني الذي يعيشه بشغف الطفولة ..وبعد اخر موازي لا يعلم احد ماهو.!!!
يظهر ذلك جليا في نظراته الحالمة ان سكت وكأنه انتقل الي مكان اخر ..ويتضح اكثر ان تحدث عن شيء لا يفهمها احد سواه بمنتهي الدقه
عيناه الغارقتنا في حزن عميق والتي فشلت ابتسامته العذبة في اخفاء حزنهما ..تقولان ذلك
دموعهما التي لم تسقي ابدا وجنتيه تؤكدان ذلك ..
فهو الباكي دائما بكاءا داخليا ..وكأنه يحتاج الدمع ليسقي به شجرة حبها التي عظم جذرها في قلبه.. وطاولت عقله.. واثمرت في لسانه ففضحته اخيرا حينما سأله صديقه في لحظه صفا ..ما هدفك في الحياة يا غريب؟؟ .فقال دامعا علي غير وعي منه مفاتيح القدس يا صديق.. !!!
القدس تلك هي حبيبته التي تبكيه وتؤلمه..يحن لها وهي تسكنه ..يعشهقها وهي تأسره
هي امل قلبه الذي يرغب في مفاتيحها.. و هي اميرته التي تملك مفتاحه..فلا يمر احدا الي قلبه الغريب الا اذافتحت هي بابه.
لذا لا تستغربوا ان لم يهتم بعبارات الصبية ..فهي لم تسمع ابدا شهقات قلبه ..فلو سمعتها لادركت انهما ليسما بأخين وان حملا لقب الالم ذاته ..
ولا تتعجبوا من اعراضه عن عشق الفتاه ..فلو غرقت في مثل حزنه لاسرتها قدسية الحزن مثله ولعلمت انها ليست بوطنه ولا عنوانه
لا تتعجبوا منه ولا تسغبوه فهو غريب بيننا يري الدنيا من خلال عيني القدس.. فأي طريق لا يؤدي اليها لا يعنيه المسير فيه.ويسمع الاصوات من فوق منابرها ..فأي جماعة لم يجمعها اذان مأذنها لا تحتويه هو الغريب عنا وان جالسنا ..القريب منها وان فارقها
==========